الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

في بَيتْ جِدَتِي "مَاضٍ لَيَتهٌ يَعٌودٌ يَومَاً"

شيئٌ ما يأخذني إلي هناك
حيث منزل جدتي ..
حين يجنّ علينا الليل ..
استمع إلي تلك الدقات البطيئه المنبعثة من أخر الممر هناك
دقات تلك الساعه التي كانت تؤرقني ..
واصوات تلك الكائنات .. كانت كــ الطنيــن علي ما أذكر !!
أغرق أنا بين تلك الدقات وذاك الطنين
إلي أن يسرق النوم أخر ما تبقي لدي من قطرات اليقظه ..
فأغطٌّ في نوم عميـــق !

أستفيق منه علي صوت رقيق ينبعث من تلك المئذنة
أتذكر نورها الذي كان يملأ الغرفه من تلك النافذة الخشبيه المتأكلة ..الباهت لونها !!

تكتمل استقافتي علي صوت جدتي تقرأ سورة "يــَس" وتتمتم ببعض الاذكار كانت تسميها "وِردا" ولم أكن اعرف حينها ما هو الوِرد ..إلا أنها أذكارٌ خاصة بجدتي وفقط ^_^
تناديني لنصلي سوياً ..
ومن ثم نقوم الي مطبخنا الصغير ... لنعدّ كوب الشاي "المقدس" عند جدتي ^_^
وبعدها نذهب لننام قليلاً إلي توقظنا أشعة الشمس الذهبيه التي تغمرنا عن شروقها ~~

كان صباحنا ليس ككل صباح :)
فالصباح حينها كان كاللوحة الفنيه المتكامله الاركان ،،
صوره وصوت ورائحه واحساس ~

فالصورة
تظهر عندما نفتح النوافذ،،
فنري المنازل القديمه والنخيــل أمامها ..
وذلك الطائر يدعي "أبو القردان" يزينها بلونه الابيض الرائع ..

والصوت ،،
فهو صوت تلك الاذاعة التي تبدأ بأيات من القرأن بصوت "الشيخ محمد رفعت"
ومن ثم يأتي صوت تلك الرائعه "أم كلثوم" تغني تلك المقطوعة
"يا صبــاح الخير ياللي معانا"

كنت أطير فرحاً عندما أسمعها .. واظل اجري هنا وهناك كالمجانين أرددها ^_^
إلي أن تناديني جدتي لأجلس تحت قدميها كي تسرح لي شعري
واقول أنا بتمرد
"أريد تلك الجدائل يا جدتي  .. ولكن بشرط ان تكون أكثر من واحده "
فتتنهد جدتي وتقول
"دائما تستمتعين بإرهاقي ولكن.. أمرك حبيبتي " ..
فأبستم واقبلها ^_^
أما الرائحه .. 
فهي رائحه لا  اعرف حتي كيف توصف 
هي رائحة الصباح ونسيم لا مثيل له ^_^

والاحساس 
فهو  نقاء ورضا وأمل وراحـــة 
إحســاس ٌ بال  "حيــــــاه"وفقط :)


ينتهي هذا الجزء المليء بالراحة .. ليبدأ أخر كله عمــــــل
كانوا حينها يبدأون أعمال المنزل والطعام منذ السابعة أو قبل الثامنة بقليل

نعمل ونعمل .. نغسل ونرتب ونعد الطعام وبينما نفعل ..
نشعر كأنها سيمفونيه موسيقيه ~
أصوات تلك "الغسالة" وذلك "الهون " تملأ الارجاء
وصوت البائع ينادي لنشتري باقات "النعناع الاخضر" ^_^!!

كنا نشتري كل شيء بمبالغ متناهية الصغر
كانت قليله ولكنها تكفي لكل شيء~

كل شيء كااان ساحراً ... بلا استثناء
كل التفاصيل تخلب العقول ~
بساطة الاشياء تزيد من رونقها ...
كل شيء هادي ومنظم ..
كل شيء يتم بهدوء .. بلا عجلة ولا توتر !!

يا الله
لو تعود تلك الايام ولو ليوم واحد
فأتزودٌ حباً ونقاءً وهدوووأً ~

ليتها تعود ~

زَهْرَه 

السبت، 22 أكتوبر 2011

إليــكــ يا عاشق الاسفــار ~

نركبـــه ،،
يأخذنا الي هنـــاك
الي حيث لا ندري !
يخلب ألبابنا سحره
وتهتز كياناتنا اجلالاً لقدره
نركبه مسارعين
نختار اجمل مقعدٍ فيه
وما ان يمر القليل
نراهٌ ,,,
قطار
تحتال فيه طفولتنا شيخوخة !!
تحتال خصلاتنا السوداء فيه شيباً !!
نجلس فيه
لا حراكـــ !!
لا همس ولا صوت
فقط يسووووود الصمت !
ننتظر وننتظر
ويطول بنا الانتظار
الي متي ؟؟
لا احد يدري
فقط صوت القضبان والرياح المكتومه
صوت حفيف الورق //
وبقايا المداد ..
نخّط به شخبطات غير مفسرة معالمها
عميقةُ هي بقدر غموضها
يحسبها الناس
عبــثــاً
واحيانا يقولون
"جنوناً" !

تهتز طاولتنا فتبعثر ما تبقي من مدادنا
ينسكب كله
إلا قطرات ضئيله
تتوه كلماتنا وتلك الشخبطات وسط ذلك المداد المسكوب
تتلاشي وكانها لم تكن
تزادا عمقــاً
وتزيد ألامنا
حزناً علي وقت اضعناه في كتابتها
وربما املا !!
في ان تكون بشري خير
بأن حزننا اصبح ماضيا
وان ما كتب قد مٌحي ليفسح مجالا لكلمات كلها أمل

ننظر من تلك النافذه في القطار
نري قطرات الندي علي ذلك الزجاج المصقول
نحاول ملامستها
نتخيل زهرة فواحُ عطرها
جميل لونها
نديّ ملمسها
زهرهُ افتقدنا أنس عبيرها
وتلاشي من مخيلتنا عبق رائحتها
من كثرة الاسفار
والاراضي القفار !

سئمنا الصحراء والرمال
متي سنرسو علي شاطئ ومتي تتحقق الاحلام ؟
أما آآن لنا من نزول عن هذا القطار
هذا السريع المقدام
نريد هدنة ووتصالحا وراحة بال

بلا صوت قضبان
بلا حرارة ذلك المقعد الثابت
عابث الشكل والالوان !
بلا احلامٍ مزيفة
نعم
حتي الاحلام بلا جدوي في هذا المكان !!

فلتتوقف يا هذا عن الزج بالفحم في مكان الاشتعال !
وليتوقف ذاك القطار
اريـــد رؤية الزحام !!
لا مزيد من الهدوء القاتل
ولا مزيد من الخيام !

اريد منزلاً ،،
وطنـــا
وأريكه أرتشف بين جنباتها اكواب
دفء
،،حنين
وحنــان ~
ومن ثم أهدأ
أٌغمض عينيّ
وأنـــام ~

اريد عودة ابدية
لا رجوع بعدها الي سابق الايام
عودة تشفي كل الجراح والاسقام ~
عودة لنفسي
عودة لرووحي
عودة لجسدي الذي انهكته اسفارك يا عاشق الاسفار ~

اليــكــ أيهــا القطــار ~

زهره ،،

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

نعم ... مازلت أكتــب !

  
أمسكت بالقلم ..  وفتحت دفتري 
أستقل أنا تلك الحافله في طريق عودتي الي المنزل بعد يومٍ دراسي شاق ..
صفحةُ بيضاء فٌتِحت وضعت علي أول سطرٍ فيها ..

 "نٌقــطه" ،،!

مللت النظر اليها والقلم مازال واقفاً .. لم يحرك للأمام ساكناً !
إلي ذلك الطريــق أخذت انظر ..
اترقب .
..وربما احاول ان افكر !

كل شيء يتحركـــ .
الأشجار.. المياه ..
المنازل والطيور وحبات الرمال علي الرصيف !
ومازالت صفحتي بيضاء .. 

تتأكل المسافه ويزداد منزلي قرباً .. 
ترتعش يداي ومداد قلمي أخذ يغلي .. 
الورقة تنادي .. الاسطر تبكي ... وتأبي كلماتي أن تنطق !
أفكر وأفكر ... لا شيـــئ .. !

أكتب كلمة في عقلي .. وملايين الكلمات يئن بها قلبي 
ولكن بلا جدوي .. صفحتي تزداد بياضاً ..
ويداي تزداد ضعفاً وارتعاشاً 
أنظر الي الاشياء ولا أراها ... فقط خربشات وأشكال غير منتظمه ....
بياض صفحتي ملأ الدنيا بياضاً .. 
لا أستطيع تمييز أي شيئ 
حالة من الاسبهلال تجتاحني !

لا أري ..
لا أسمع ..
وبكل تأكيد لا أتكلم !

تستوقفني تلك النداءات ...
ذلك السائق صاحب الصوت الاجّش يصرخ..
."حد نـــــازل هنا " ؟؟
أنظر من زجاج تلك النافذه -بفتور- لأتاكد ان محطتي لم تأتي
.. وأن موعد نزولي لم يحن بعد !!
فأجاوبه بالصمت ... 

مازلت ممسكة بالقلم ..
ومازالت عيناي معلّقةً بين تلك الاسطر الخاويه 
أغمض عيني لحظةً في محاولة مني لاستجماع قوتي وافكاري .. 
اغمضها
علّني اري تلك الكلمات الباهته فأكتبها ...!
ولكــــن يبقي الحال كما هو .. 

لا شيـــئ لا شيـــئ لاااا شيـــــــــــئ !

استفيق مرة أخري علي ذلك الصوت ولكنه بعنف أقوي هذه المرة ..
يناديني السائق بقسوه
والاستغراب يرتسم علي ملامح وجهه الحاده :
"يا آنسه .. يا آنسه .. آخرنا هنــا .. مش نازله ولا ايـــــه ؟ " 

أنظر اليه ولا استطيع تمييز كل كلماته ولا حتي ملامح وجهه .. 
أقول بكل بروود وهدوء ..
"حـــاضر !!" 

علي ذلك الكوبري اخذت أمشي بخطوات متثاقلة .. وكأنني احمل فوق رأسي جبلاً 
كل شيء يدور من حولي ... 
أمسك بدفتري -ذلك الضخم- وكأنني اتشبث به كي لا اخرّ علي الارض ساقطةً !!
هـواء قوي يتخبطني .. 
يطير خمــاري ، ، 
يمــــيناً ويساراً ولا يهدأ من شدة الهواء .. !

بالكاد استطيع الوقوف منتظرة تلك المواصله -الثانيه- التي توصلني الي بيتي ...
أٌشـــير بيدي الي احد تلك العربات ..
فتقف واركب أنا .. !
خرجت حروف عنواني التي نطقت بها بشقّ الانفس .. 
ما زالت أكتب ... 
لاح منزلي امامي من بعيد .. 
كدنا نصـــل !!

أكتب واكتب
وارتعش بطريقه هيستيريه ،،
نعم  -رغم حالتي هذه -مازلت أكتـــب !!
رغم ذلك الألم الذي بدأ يسري ..رغم ذلك العرق الذي اغرق بنداه وجهي 
اكتب .. اتشبس بقلمي .. واحضن دفتري !!

يتوقف فجأة ويقول :"هنــــا ..؟؟؟" .. 
يا آنسه .؟؟!!

................ 

زَهْــــــــرَهْ !